الاثنين، 6 يوليو 2015
الأربعاء، 3 يونيو 2015
الاثنين، 9 مارس 2015
الاثنين، 16 فبراير 2015
"النجاشي" ملك الحبشة الصالح
"النجاشي" ملك الحبشة الصالح
لقد أطلق الرسول صلى الله عليه وسلم إسم الملك الصالح فهو كان يتسم بالعدل والصلاح , وكان الرسول قد نصح المسلمين بالهجرة إلى الحبشة عندما إشتد أذى الكفار على المسلمين, والأن سوف نقوم بسرد قصة النجاشي الملك الصالح ورحلته مع الأسلام ومواقفه مع المسلمين
النجاشي ملك الحبشة وصفه رسول الله "صلى الله عليه وسلم " بأنه ملك صالح" و"أنه ملك لا يُظلم عنده أحداً"، ويقال عنه أنه كان عبداً صالحاً لبيباً زكياً، عادلاً عالماً.
اسمه أصحمة ويعني "عطية" ويقال أن كلمة "نجاشي" هي لفظ من الحبشة يطلق على الحاكم أو الملك مثل "قيصر" لملك الروم، و"كسرى" لملك الفرس، وفرعون لملك مصر وهكذا.
تولى الحكم بعد وفاة عمه بصاعقة، اشتهر النجاشي بعدله في الحكم وتجاوزت سيرته الطيبة الحبشة وانتشرت في العديد من البلدان.
نصح الرسول "صلى الله عليه وسلم" المسلمين عندما اشتد أذى المشركين بهم بترك مكة والهجرة إلى الحبشة لأن بها ملك عادل في حكمه لا يًظلم عنده أحد.
النجاشي والمسلمين
للنجاشي العديد من المواقف التي ساعد بها المسلمين وكان سبباً في إسلام عمرو بن العاص، نذكر من هذه المواقف استقباله للمسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة هروباً من اضطهاد قريش، وذلك عندما نصحهم الرسول "صلى الله عليه و سلم" بترك مكة و الهجرة إلى الحبشة لأن فيها ملك لا يُظلم عنده أحد و عادل في حكمة كريماً في خلقة، كما أنه هو الذي قام بدفع صداق السيدة أم حبيبة رضي الله عنها، وأرسلها مع المهاجرين العائدين من الحبشة إلى الرسول "صلى الله عليه وسلم".
هجرة المسلمين للحبشة
كان عمرو بن العاص على الجاهلية عندما وفد على النجاشي جماعة المسلمين المهاجرين إلى الحبشة، وأراد عمرو أن يسلمه النجاشي هؤلاء المسلمين فذهب إليه مع أعوانه محملاً بالهداية الثمينة، طالباً منه أن يسلمه المسلمين فرفض النجاشي أن يسلمهم له دون أن يستمع لهم فدعاهم النجاشي، ولما حضروا صاح جعفر بن أبي طالب بالباب " يستأذن عليك حزب الله " فقال النجاشي: مروا هذا الصائح فليعد كلامه، ففعل.
قال نعم فليدخلوا بإذن الله وذمته، فدخلوا ولم يسجدوا له، فقال: ما منعكم أن تسجدوا لي؟ قالوا: إنما نسجد لله الذي خلقك وملكك، وإنما كانت تلك التحية لنا ونحن نعبد الأوثان، فبعث الله فينا نبيا صادقا، وأمرنا بالتحية التي رضيها الله، وهي " السلام " تحية أهل الجنة، فعرف النجاشي أن ذلك حق، وأنه في التوراة والإنجيل.
فقال أيكم الهاتف يستأذن؟ فقال جعفر أنا، قال فتكلم، قال إنك ملك لا يصلح عندك كثرة الكلام ولا الظلم، وأنا أحب أن أجيب عن أصحابي، فأمر هذين الرجلين فليتكلم أحدهما، فتسمع محاورتنا، فقال عمرو لجعفر تكلم. فقال جعفر للنجاشي سله أعبيد نحن أم أحرار؟ فإن كنا عبيدا أبقنا من أربابنا فارددنا إليهم، فقال عمرو : بل أحرار كرام . فقال: هل أهرقنا دما بغير حق فيقتص منا؟ قال عمرو: ولا قطرة، فقال هل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاؤها ؟ فقال عمرو: ولا قيراط، فقال النجاشي: فما تطلبون منه؟ قال كنا نحن وهم على أمر واحد على دين آبائنا، فتركوا ذلك واتبعوا غيره، فقال النجاشي: ما هذا الذي كنتم عليه، وما الذي اتبعتموه؟ قل وأصدقني .
فقال جعفر: أما الذي كنا عليه فتركناه وهو دين الشيطان ، كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة، وأما الذي تحولنا إليه فدين الله الإسلام جاءنا به من الله رسول وكتاب مثل كتاب ابن مريم موافقا له، فقال تكلمت بأمر عظيم، فعلى رسلك .
ثم أمر بضرب الناقوس فاجتمع إليه كل قسيس وراهب، فقال لهم أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، هل تجدون بين:عيسى وبين يوم القيامة نبيا ؟ قالوا: اللهم نعم، قد بشرنا به عيسى، وقال من آمن به فقد آمن بي، ومن كفر به فقد كفر بي، فقال النجاشي لجعفر رضي الله عنه ماذا يقول لكم هذا الرجل ؟ وما يأمركم به؟ وما ينهاكم عنه؟، فقال يقرأ علينا كتاب الله، ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر، ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الرحم وبر اليتيم، ويأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك له .
فقال اقرأ مما يقرأ عليكم، فقرأ سورتي العنكبوت والروم، ففاضت عينا النجاشي من الدمع، وقال زدنا من هذا الحديث الطيب، فقرأ عليهم سورة الكهف .
فأراد عمرو أن يغضب النجاشي، فقال إنهم يشتمون عيسى وأمه، فقال ما تقولون في عيسى وأمه ؟ فقرأ عليهم سورة مريم، فلما أتى على ذكر عيسى وأمه رفع النجاشي بقشة من سواكه قدر ما يقذي العين، فقال والله ما زاد المسيح على ما تقولون نقيرا .
ورفض النجاشي أن يسلم المسلمين لعمرو بن العاص بعد أن سمع منهم، وأمنهم في بلده، وعاد المسلمون من الحبشة مرة أخرى عقب فتح خيبر وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب، وفرح الرسول "صلى الله عليه وسلم" بهم كثيراً حتى انه قال: " ما أدرى بأيهما أنا أشد فرحًا؛ أبقدوم جعفر أم بفتح خيبر؟".
في كتاب البداية والنهاية لابن كثير يذكر لنا:
ذكر البيهقي أيضاً عن الحاكم، عن أبي الحسن محمد بن عبد الله الفقيه - بمرو - حدثنا حماد بن احمد، حدثنا محمد بن حميد، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن اسحاق قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شان جعفر بن أبي طالب وأصحابه، وكتب معه كتاباً:
"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة، سلام عليك فاني احمد إليك الله الملك القدوس المؤمن المهيمن، واشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخته، كما خلق ادم بيده ونفخه.
واني ادعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وان تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني، فاني رسول الله وقد بعثت إليك ابن عمي جعفراً، ومعه نفر من المسلمين فإذا جاءوك فاقرهم ودع التجبر، فاني ادعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى".
فكتب النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: بسم الله الرحمن الرحيم، إلى محمد رسول الله من النجاشي الأصحم بن ابجر، سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته لا اله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام، فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى، فورب السماء والأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت.
وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقرينا ابن عمك وأصحابه، فاشهد انك رسول الله صادقاً ومصدقاً، وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين.
وقد بعثت إليك يا نبي الله باربحا بن الأصحم بن ابجر، فاني لا املك إلا نفسي، وان شئت أن أتيك فعلت يا رسول الله فاني اشهد أن ما تقول حق".
عمرو بن العاص والنجاشي
كان عمرو بن العاص مازال على الجاهلية عندما قدم المهاجرين المسلمين على النجاشي في الحبشة، وكان يقول لو أسلمت قريش كلها لن اسلم، وكان للنجاشي فضل كبير في إسلام عمرو بعد ذلك، وتبدأ قصته مع النجاشي كما يلي:
قال عمرو بن العاص: لما انصرفنا يوم الأحزاب عن الخندق، جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون رأيي، ويسمعون مني، فقلت لهم: تعلمون والله إني أرى أمر محمد يعلو الأمور علواً منكراً، واني لقد رأيت أمراً فما ترون فيه؟
قالوا: وما رأيت ؟
قال: رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده، فان ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فانا إن نكن تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وان ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير.
قالوا: إن هذا لرأي.
قلت: فاجمعوا لنا ما نهدي له، فكان أحب ما يهدى إليه من أرضنا الادم، فجمعنا له ادماً كثيراً، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فوالله أنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شان جعفر وأصحابه، وأيضاً بكتاب ليزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان.
قال: فدخل عليه، ثم خرج من عنده.
قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو بن أمية لو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فاعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت رأت قريش إني قد اجزات عنها حين قتلت رسول محمد.
فدخلت على النجاشي فسجدت له كما كنت اصنع، فقال: مرحباً بصديقي اهديت لي من بلادك شيئاً؟
قال: قلت نعم أيها الملك، اهديت لك ادماً كثيراً.
ثم قدمته فأعجبه، وفرق منه شيئاً بين بطارقته، وأمر بسائره فادخل في موضعٍ، وأمر أن يكتب ويحتفظ به، فلما رأيت طيب نفسه قلت: أيها الملك، إني قد رأيت رجلاً خرج من عندك وهو رسول عدو لنا، قد وترنا وقتل أشرافنا وخيارنا فأعطنيه فاقتله.
فغضب من ذلك، ورفع يده فضرب بها انفي ضربة ظننت انه كسره، فابتدر منخراي فجعلت أتلقى الدم بثيابي، فأصابني من الذل ما لو انشقت بي الأرض دخلت فيها فرقاً منه.
ثم قلت: أيها الملك لو ظننت انك تكره ما قلت ما سألتك.
قال: فاستحيا وقال: يا عمرو تسألني أن أعطيك رسول رسول الله من يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى، والذي كان يأتي عيسى لتقتله؟
قال عمرو: فغير الله قلبي عما كنت عليه، وقلت في نفسي: عرف هذا الحق، والعرب، والعجم، وتخالف أنت؟
ثم قلت: أتشهد أيها الملك بهذا؟
قال: نعم، اشهد به عند الله يا عمرو فاطعني واتبعه، فوالله انه لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده.
قلت: أتبايعني له على الإسلام؟
قال: نعم، فبسط يده فبايعني على الإسلام، ثم دعا بطست فغسل عني الدم، وكساني ثياباً - وكانت ثيابي قد أمتلات بالدم فألقيتها - ثم خرجت على أصحابي فلما رأوا كسوة النجاشي سروا بذلك، وقالوا: هل أدركت من صاحبك ما أردت؟
فقلت لهم: كرهت أن اكلمه في أول مرة، وقلت أعود إليه.
فقالوا: الرأي ما رأيت.
خرج عمرو بن العاص من عند النجاشي وقد شرح الله قلبه للإسلام وبالفعل انطلق قاصداً رسول الله، والتقى بكل من خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة وأعلن الجميع إسلامهم بن يدي رسول الله "صلى الله عليه وسلم".
تلبيته لطلب الرسول
أرسل الرسول "صلى الله عليه وسلم" إلى النجاشي بكتاب ليزوجه من السيدة أم حبيبة – رملة بنت أبي سفيان - وهي رضي الله عنها كانت واحدة من المهاجرات المسلمات إلى الحبشة، وواحدة من ضمن المسلمين الذين اشتد عليهم أذى الكفار فهاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش مع من هاجر إلى الحبشة من المسلمين، ولكن محنة أخرى أصابتها بعدما ارتد زوجها عن الإسلام وتحول إلى النصرانية ثم انكب على الخمر حتى مات، وقد بشرت أم المؤمنين "أم حبيبة" في منام لها أن جاءها آت في المنام وناداها بأم المؤمنين.
لبى النجاشي طلب الرسول ودفع صداق أم حبيبة أربعمائة دينار بالحبشة وجهزها نيابة عن الرسول وأرسلها مع المهاجرين العائدين من الحبشة.
كرم الرسول وتواضعه
نذكر هنا أحد الموقف كما رواها ابن كثير في كتابه "البداية والنهاية"، قال أبي قتادة قدم وفد النجاشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يخدمهم فقال أصحابه: نحن نكفيك يا رسول الله، فقال الرسول الله صلى الله عليه وسلم "انهم كانوا لأصحابنا مكرمين وإني أحب أن اكافيهم"
وفاة النجاشي
عندما توفى النجاشي نعاه الرسول الكريم "صلى الله عليه وسلم" قال البخاري في موت النجاشي: حدثنا أبو الربيع، حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم" - حين مات النجاشي: مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة".
وفي كتاب البداية والنهاية لابن كثير يذكر لنا: ذكر الحافظ البيهقي ها هنا موت النجاشي صاحب الحبشة على الإسلام، ونعي رسول الله صلى الله عليه وسلم له إلى المسلمين وصلاته عليه، فروى: من طريق مالك، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى إلى الناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم وكبر أربع تكبيرات.
وقال العلماء أنه صلي عليه لأنه كان يكتم إيمانه عن قومه فلم يكن عنده يوم وفاته من يصلي عليه عقب عودة المسلمين من الحبشة، فصلى الرسول "صلى الله عليه وسلم عليه" صلاة الغائب، ويقال أن وفاته كانت في رجب السنة التاسعة من الهجرة.
الخميس، 12 فبراير 2015
محمد حسان
قصة الصليب
| |
الحمد لله ربِّ العالمين، الحمد لله الذي لم يتَّخِذ ولَداً و لم يكن له شريكٌ في المُلك وما كانَ معهُ من إله. الذي لا إله إلَّا هو فلا خالقَ غيرُهُ ولا ربَّ سواه، المستحقُّ لجميع أنواع العبادة ولِذَا قضى ألَّا نعبُدَ إلَّا إيَّاه، ذلك بأنَّ اللهَ هو الحقّ وأنَّ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطلُ وأنَّ اللهَ هو العليُّ الكبير. أحمَدُكَ يا ربِّي وأستعِينُكَ وأستغفِرُكَ وأستهديكَ لا أُحْصِي ثَنَاءاً عليك أنتَ كما أثْنيْتَ على نفسِك جَلَّ ثناؤك وعَظُمَ جاهُكَ ولا إلهَ غيرُك. وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له، هو الواحد الذي لا ضدَّ له، وهو الصَّمدُ الذي لا مُنازِعَ له، وهو الغنيُّ الذي لا حاجةَ له، وهو القويُّ الذي لا يُعْجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء، وهو جبَّارُ السَّماواتِ والأرض، لا رادَّ لحُكمِه، ولا مُعقِّبَ لقضاءه وأمرِه، هو الأوَّل فلا شيءَ قَبلَه، وهو الآخِرُ فلا شيءَ بعدَه، وهو الظَّاهرُ فلا شيءَ فوقَه، وهو الباطن فلا شيءَ دونَهُ، وهو على كُلِّ شيءٍ قدير.. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُه، أدَّى الرسالة، وبلَّغ الأمانة، ونَصَح الأمَّةَ وكشَفَ اللهُ به الغُمَّة، وجاهد في الله حقَّ جهاده حتَّى أتاهُ اليقين، فاللَّهم اجزِهِ عنَّا خيرَ ما جازيتَ نبيًّا عن أمَّتِه ورسولاً عن دعوته ورسالته، اللَّهم صلِّي وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابِه وأتباعِه وعلى كلِّ من اهتدى بهديه واستنَّ بسُنَّتِه واقتفى أثَرَه إلى يومِ الدِّين. أمَّا بعدُ، فيا أيُّها الأحبَّة في الله تعالوا بنا لِنُطَوِّفَ سوياً في روضة القرآن الكريم، ومع اللِّقاء الأول من لقاءات تفسيرنا لسورة مريم أسأل اللهَ -جلَّ وعلَا- أن يجعله تفسيراً مُباركاً وأن ينفعنا به فى الدنيا والآخرة إنَّه وليُّ ذلك ومولاه وهو على كلّ شئٍ قدير. هذهِ السُّورة المكِّية المباركة التي تُعالج أخطرَ قضيةٍ في هذا الدِّين، ألا وهي قضيةُ العقيدةِ التي حرَّفَها وبدَّلَها وغيَّرَها النَّصارى، فسَبُّوا اللهَ بذلك مَسبَّةً عظيمة، فمنهم من قال: إنَّ عيسى هو الله، وطائفةٌ أخرى قالت: إنَّ المسيح ابنُ الله، وطائفةٌ ثالثةٌ قالت: إنَّ اللهَ ثالثُ ثلاثة، "تعالى الله عمَّا يقولُ النَّصارى عُلُوًّا كبيرا". وتعالَوْا بنا لنتعرَّفَ على هذِهِ العقيدة الفاسدة وعلى هذا الدِّينِ المحرَّف والمُبدَّل والمُغيَّر لتسجدوا لله شُكراً أنَّكم من الموحدين لله -جلَّ وعلَا- وأنَّكم من المنتسبين لمحمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم. لنتعرَّفَ من خلالِ مقدمةٍ سريعة فإنَّ لقاءنا اليوم وفي اللقاء المُقبل إن شاء الله - جلَّ وعلا- بمثابة مقدمةٍ سريعة موجَزَة لنتعرَّفَ من خلالِهَا على قواعد دينِ النَّصارى ولن نقولَ شيئاً من عندِ أنفُسِنا حتَّى لا نُتَّهَمَ بالغُلُوِّ ولا بالتَّشدُد فإنَّ الذي نقولُ في هذا اللِّقاء وفي اللِّقاءِ المقبل بحولِ الله ومَدَدِه إن شاء الله -جلَّ وعلَا-، ليس من قولنا وليسَ من كلامنا ولكنَّ الذي يُحدِّثَنَا عن قواعدِهِم رجلٌ شرِبَ من مَّعينِهِم وتزيَّ بزِيِّهِم وكان على عقيدتهِم وعلى دينِهِم ولكنَّ اللهَ جلَّ وعلا قد شرَحَ صدرهُ للحقِّ فأعلنَ توحيدَهُ للهِ جلَّ وعلا- وإيمانَهُ بمحمَّدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنَّه القسُّ الأسباني الكبير انسيلم ثورنيدا، إنَّه القسُّ الأسباني انسيلم ثورنيدا هذا القسُّ الذي شرب من معينهم وتزىَّ بزيِّهِم وكان فى يومٍ من الأيَّام على عقيدتهِم يُدَرِّسُها لأبناءه في النَّصرانية ولكنَّ الله - جلَّ وعلا - قد شرَحَ صدرَهُ للحقّ فأعلنَ توحيدَهُ لله وإيمانه بمحمَّدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل في الإسلام وسمَّى نفسه بـ "عبد الله الترجمان"... استمعوا إلى هذه الفضائح التي يُحدِّثُنا بها هذا القسُّ الذي أسلَمَ ماذا يقول انسيلم ثورنيدا، القسُّ الأسباني الذي شرح الله صَدرهُ للإسلام، يقول وقوله للنَّصارى والمسلمين، للنَّصارى الذين لم يمتْ إنصافُهُم في قُلُوبهم فعَمِيَتْ بذلك عقُولهُم، وللمسلمينَ الَّذين لا يعرفون شيئاً عن دينِهِمْ فضلاً عن دينِ النَّصرانية يقول: "اعْلَموا رحِمَكُمُ الله بأنَّ قواعدَ دينِ النَّصارى خمس، اِعلموا أيُّها المسلمون وأيُّها النَّصارى المنصفون بأنَّ قواعد دين النصارى خمسٌ؛ التغطيس، والتثليث، والإيمان بالقُربان، واتحاد عقنوم الابن ببطن مريم، والاعتراف بجميع الذُّنوب للقسِّيس". هذه قواعد الدِّين عند النَّصارى: تغطيسٌ، وتثليثٌ، واعترافٌ باتحاد عُقْنُوم الابن في بطن مريم، والإقرارُ بجميع الذنوب للقسِّيس، والإيمانُ بالقُربان. هذه هي قواعد دين النَّصارى... فتعالوا بنا لنتعرَّف على هذه القواعد الكافرة، وعلى هذه القواعد الفاجرة الخطيرة. أمَّا القاعدة الأولى ألا وهي قاعدةُ التَّغطيس، فإنَّهم يعتقدون ويأخذون هذا القولَ من إنجيل لوقا المحرَّف والمبدَّل يقولون: "بأنَّ عيسى عليه السَّلام قال: إنَّه من تغطَّسَ دخَل الجنة ومن لم يتغطَّس دخل جهنَّمَ خالداً فيها أبداً"، تعالى الله عمَّا يقولُ الظالمونَ عُلُوًّا كبيرا، إنَّها من أبشَعِ الافتراءاتِ على الله -جلَّ وعلَا- وعلى نبيِّه عيسى على نبيِّنا وعليه الصَّلاةُ والسَّلام. فما هي صِفَةُ التَّغطيس أيُّها المسلمون؟! صِفَةُ التَّغطيس حتَّى نتَعرَّف على خُدعِ القوم، وعلى مكائِدِ القوم، وعلى ألاعيبهِم وأباطيلهِم وأكاذيبهِم هذه الصِّفة: هي أنَّ لكلِّ كنيسةٍ حوضاً إنَّ في كُلِّ كنيسةٍ حَوضاً رُخامياً كبيرًا في وسَطِ هذه الكنيسة، هذا الحوضُ مملوءٌ بالماء وعليه أكوابٌ كثيرةٌ تحيطُ به من كُلِّ جانب، هذا الماء أُلقِيَتْ فيه كمياتٌ كبيرةٌ منَ الملحِ ومن نوع من أنواع الدُّهن يُسمَّى بدُهنِ البَلْسَان، وهذا الملح وذلِكُم ُالدُّهن هُو الذي يحفظُ الماءَ منَ التَّعفُن والتَّبدُلِ والتَّغيرِ، ويضْحَكُ بذلكَ القسِّيسُ على النَّصارى ويقولُ لهم بأنَّ هذَا الماء ما بُدِّل وما غُيِّر، ومازالت رائحتُهُ لم تتغيَّر وطَعْمُهُ لم يتبدَّل وإنَّما ذلكَ مِن بَرَكاتِ الإلهِ الرَّبِ المسيح! ولكنَّهُ ما بُدِّل وما تغيَّرَ لهذه الكِمِّياتِ الرَّهيبة التي وُضعَت فيه من الملح وتلك الكِمِّياتُ الكبيرةُ التي وُضِعَت فيه من دُهن البلسان، هذا الحوضُ الكبير الذي مُلِئَ بالماء وبالملح وبهذا الدُّهن يقفُ القسِّيسُ عليه، فإذا ما أراد الرجلُ أن يتنصَّر أخَذَهُ القسِّيسُ وقرَّبَهُ وأوْقَفَهُ على هذا الحوْض وقال له: "اِعلمْ إذا أردتَ أن تتنصَّر، وإنْ أردتَ أن تدخُلَ في دينِ النَّصرانية، ينبغي أن تعتقد اعتقاداً جازماً أنَّ من تغطَّسَ دخَلَ الجنَّة، ومن لم يتغطَّسْ دخَلَ جهنَّمَ خالداً فيها أبداً، وينبغي أن تعتقد أيضا أنَّ الله ثالث ثلاثة، وأنَّ المسيح ابنُ الله، وأنَّهُ صُلِبَ وقُتل ودُفِن وصار حياًّ بعد ثلاثة أيَّام، وصَعَد إلى السَّماء وجلس عن يمين أبيه ثم يأتي يومَ القيامة ليحكُمَ بين خلقه"!! ثم يقول القسِّيسُ له: "هل أنت مؤمنٌ بهذا؟"، فيقول: "بلى"، فيقول: "وأنت مؤمنٌ بكلِّ ما آمن به أهلُ الكنيسة؟"، فيقول: "بلى". فإذا ما قال المتَنَصِّرُ ذلك أخَذَهُ القسِّيس من يدِهِ وقرَّبهُ إلى هذا الحوض الرُّخامي المملوءِ بالماء، ثم جاء هذا القسُّ بقليلٍ من الماء وأسْكَبَهُ على رأس هذا المتنصِّر وقال له: "وأنا أُغَطِّسُكَ باسم الأب والابن والرُّوح القُدُس"، فإذا ما فعل به القسِّيسُ ذلك مسح الماءَ عنه مرَّةً ثانية بمنديل أو بمنشفة، وبذلك يكون الرجلُ قد دخلَ في دينِ النَّصرانية وقد تغَطَّسَ، وقد شُهِدَ وحُكِمَ له بدخول الجنَّة! على حدِّ زعمِهِمْ، وعلى حدِّ كُفرِهِم، تعالى الله عمَّا يقولُ المُبطِلونَ عُلوًّا كبيرا. أمَّا الأطفالُ فإنَّهم يُفعَلُ بهم ذلك فى اليوم الثامن من ولادتهم، يُغطَّسُونَ في اليوم الثامن؛ أيْ يُسكَبُ على رؤوسِهِم وأبدانهِم من هذا الماء في حوضِ الكنائس على يد قِسِّيسٍ يَعلمُ الحقَّ والباطل، وبذلك يكونوا قد دخَلوا فى دين النَّصرانية والعياذُ بالله. هذه هي القاعدة الأولى أيُّها الأحباب بإيجازٍ شديدٍ من قواعد دينِ النَّصارى. تعرَّفوا على الحقِّ والباطِلِ، فكَمْ مِنَ المسلمينَ يعرِفُ عن دين النَّصارى شيئاً؟!، بل وكمْ منَ المسلمينَ يعرِفُ عن الإسلام حَقيقَتَه؟!، ويعرفُ عنه جَوهَرَه؟!، إلَّا من رحِمَ الله جلَّ وعَلا. القاعدة الثانية من قواعد دين النَّصارى هي "التَّثليث": والتثليث هو أنَّه ينبغي على النَّصراني أن يعتقدَ بأنَّ الله ثالثُ ثَلاثَة، وأنَّ عيسى لهُ طبيعتين: طبيعةُ النَّاسُوتِية وطبيعة اللَّاهوتِيَة، وتلكَ الطَّبيعتان تصيرُ شيئاً واحداً، فعيسى لاهوتٌ من جنسِ أبيه أيْ إلهٌ من جنس أبيه وناسوتٌ من جنس أمِّه، أيْ إنسانٌ من جنس أمِّه فهو لاهوتٌ وناسوتٌ في آنٍ واحد. صار اللَّاهوتُ ناسوتاً وصار النَّاسوتُ لاهوتاً كما يقولُ النَّصارى فصَارتِ الطَّبيعتَانِ شيئاً واحداً؛ فعيسى إلهٌ من جوهرِ أبيه وناسوتٌ من جوهر أمِّه والعياذُ بالله. ومنهم من يقول: إنَّ الثلاثة هم: الله وعيسى ومريم؛ الله أبٌ لعيسى، وعيسى ابنٌ لله، ومريم زوج لله!! والعياذ بالله.. هكذا يقول النَّصارى بطوائفهم جميعاً المَلْكية واليعقوبية والنَّسطورية والمريمانية كلُّهم يُقِرُّونَ بذلك ويعتقدُونَ ذلك بأنَّ الله ثالثُ ثلاثة إلهٌ، وابنٌ وزوجٌ الله عيسى ومريم! والعياذ بالله، تعالى الله عمَّا يقولُ النَّصارى عُلوّاً كبيراً... واللهُ جلَّ وعلا حكَمَ عليهم بالكفر لتلك العقيدة الخبيثة وتلك العقيدةِ الفاسدة فقال الله جلَّ وعلا: {لَقَدْ كفَرَ...}قد في اللُّغة العربية للتحقيق فلا يأتي مُتنطِّع ولا مُنافِق لِيَتَّهِمَ أهلَ الدَّعوةِ والدُّعاة اللَّذين يحكُمُونَ على النَّصارى بالكُفرِ، ويقول بأنَّ الدُّعاة متشدِّدون لأنَّهم يحكمون بالكفر على النَّاس. انتبـه يا هذا واعْلم بأنَّ الذي حَكَمَ بالكفر عليهم هو الله، فقال جلَّ وعلا: {لَقَدْ كفَرَ ...}، وقد للتحقيق في اللُّغة العربية، {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّـهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلَّا إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ...} [المائدة: 73]. وقال جلَّ وعلا: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَـٰنُ وَلَدًا ﴿٨٨﴾ لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا ﴿٨٩﴾ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا ﴿٩٠﴾ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدًا ﴿٩١﴾ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا ﴿٩٢﴾ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَـٰنِ عَبْدًا ﴿٩٣﴾ لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ﴿٩٤﴾ وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}[سورة مريم: 88 - 95]. وقال الله جلَّ وعلا في سورة البقرة: {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴿١١٦﴾ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [البقرة: 117-116]. {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّـهُ وَلَدًا ۗ سُبْحَانَهُ ۖ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ} [البقرة: 116]، عابدون، ساجدون، لا يخرجون عن قدرتِهِ وإرادته، {كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴿١١٦﴾ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ} [البقرة: 117-116]، فإنما أمرُهُ جلَّ وعلَا بين الكاف والنُّون لا يُسألُ عمَّا يفعل وهُمْ يُسأَلون، وحينما خافت مريم قالت: {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَـٰنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا} [سورة مريم: 18]؛ أي إن كنت تتَّقي الله وتخاف الله، قال: {قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ﴿١٩﴾ قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا} [سورة مريم: 19-20]؛ لم أكن زانية، لم أكن منَ البُغاة لأسمح لمخلوق أن يفعل بي هذه الفاحشة، {قَالَتْ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ﴿٢٠﴾ قَالَ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ ۖ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا ۚ وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا} [سورة مريم: 20-21]، انتهى الأمر {وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً} إنَّما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون أمرُهُ بين الكاف والنون... فهم يقولون بأنَّ الله ثالثُ ثلاثة والله جلَّ وعلا يقول: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ} [المائدة:73 ]، هو الواحد الأحد الفرد الصَّمد الذي لم يلد ولم يولد، سَبُّوا الله، وشَتموا الله، ونسَبُوا لله الولد، والله جلَّ وعلا يقول في حديثِهِ القُدُسيّ الجليل الذي رواهُ البخاريُّ من حديث ابن عبّاس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلَّم قال: قال الله تعالى: «شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك»، شتَمْتَ ربَّكَ يا ابن آدم وكذَّبْتَ ربَّك يا ابن آدم، يقول: «شتمني ابن آدم؛ وما ينبغي له أن يشتمني، وكذبني؛ وما ينبغي له أن يكذبني، أما شتمه إياي فقوله: إن لي ولدا، وأنا الله الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد»، شتمْتَ الله يوم نَسبْتَ له الولد «أما شتمه إياي فقوله: إن لي ولدا، وأنا الله الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد، وأما تكذيبه إياي، فقوله: ليس يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته» [صححه الألباني]. إنَّ الذي خلق من العدم أليس بقادرٍ على أن يُعيد من موجود؟! أوليس أوّل الخلق بأهونَ عليَّ من إعادته؟!!.. إنَّما أمرُهُ بين الكاف والنُّون لا يُعجِزُه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء.. هو الواحد الأحد الفرد الصَّمدُ الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤاً أحد، هو الواحد الذي لا ضدَّ له، وهو الصَّمد الذي لا مُنازع له، وهو الغنيُّ الذي لا حاجة له، وهو القويُّ الذي لا يُعجزُه شيءٌ في الأرض ولا في السَّماء، وهو الأوَّل فلا شيءَ قبله، وهو الآخِر فلا شيءَ بعده، وهو الظَّاهر فلا شيءَ فوقَه، وهو الباطن فلا شيءَ دُونَه، وهو على كُلِّ شيءٍ قدير.... هذه هي القاعدة الثانية . أمّا القاعدة الثالثة من قواعد دين النَّصارى هي اعتقادُهُم اتحاد عُقنوم الابن ببطن مريم: فهُمْ يقولون بأنَّ الله جلَّ وعلا والعياذُ بالله قد غضِبَ على البشرية جميعاً وعاقب آدمَ وذُرِّيَتَهُ بخطيئة ِآدم ولأكلِهِ من الشَّجرة، ولكنَّ الله أراد أن يمتنَّ على البشرية وأراد أن يمتنَّ على النَّاس فأرسَلَ ولدهُ عيسى فالتَحَمَ ببطن مريم والعياذ بالله، ثم ولدته ثم صار إنساناً ثم قُتِل ثم دُفِن ثم صار حيّاً بعد ثلاثةِ أيَّامٍ من دفنه وصَعَد إلى السَّماء وجلس عن يمين أبيه، ثم نزل إلى جهنَّم فأخرج آدم منها وذُريَتَه من جميع الأنبياء والمرسلين والعياذ بالله. وهذه فكرةٌ من أخطر فِكَرِ النَّصارى.. لماذا؟!! لأنَّ هذه الفكرة يقولون ويعتقدون بأنَّ عيسى صُلِب ليُكَفِّر عن البشر خطاياهُم، وهي فكرةٌ نصرانية خطيرة تُنافي المسؤوليةَ الفرديةَ في دين الله -جلَّ وعَلَا-؛ يقولون بأنَّ عيسى ما صُلِب إلَّا ليتحمَّلَ خطايا البشر وإلَّا ليُكَفِّر عن البشر ذنوبهم وإلَّا ليرفَعَ عن البشر خطاياهم -تعالى الله عن ذلك عُلوًّا كبيرا-... ولكن ماذا يقول الله؟!.. ماذا يقول الله -جلَّ وعلا- ردًّا على هذه الأكاذيب وتلك الأباطيل؛ لأنَّ هذه الفكرة كفيلةٌ بأن تملأ الأرض بالذنوب والمعاصي، فليفعَلْ كلُّ واحدٍ ما شاء أن يفعلَه من الذنوبِ والمعاصي، وليدخل في دين النَّصرانية وهو مطمئنٌ تمامَ الاطمئنان أنَّ عيسى سيتحمَّل عنه خطيئته ويرفع عنه ذنوبه؛ لأنه ما صُلب إلا من أجل ذلك. فكرةٌ رهيبة وفكرةٌ خطيرةٌ تُنافي المسؤليةَ الفردية التي قال الله -جلَّ وعلا- عنها في القرآن، أعوذ بالله من الشيطان الرَّجيم: {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا ﴿١٣﴾ اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ﴿١٤﴾ مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا} [سورة الإسراء: 13-15]. ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى لا تحمِلُ نفسٌ ذنبَ نفسٍ أخرى أبداً، {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً يَلْقَاهُ مَنشُوراً}، {اقْرَأْ كَتَابَكَ}.. اِقرأ أنت {كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً}.. ويقول الله جلَّ وعلَا في سورة الكهف: {وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا ﴿٤٧﴾ وَعُرِضُوا عَلَىٰ رَبِّكَ صَفًّا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا ﴿٤٨﴾ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ۗ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 47-49]. نعم.. نعم.. تذكَّر وُقوفَكَ يوم العرض عُريانا ***مستوحشاً قلِقَ الأحشاء حيرانا و النار تلْهبُ من غيظٍ ومن حنق ***على العصاة وربُّ العرش غضبانا اِقرأ كتابك يا عبدي على مهلٍ ***فهل ترى فيه حرفا غير ما كانا فلمَّا قرأت ولم تنكر قراءته و أقررت *** إقرار من عرف الأشياء عرفانا نادى الجليل خذوه يا ملائكتي*** وامضوا بعبد عصى للنار عطشانا المشركون غدا في النار يلتهبوا*** والموحدون بدار الخلد سكانا أقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا... فهم يقولون بأن عيسى ما صُلب إلاَّ ليرفَعَ عن البشر خطاياهم وتعالى الله عمَّا يقولُ النَّصارى علُوًّا كبيرا أمَّا القاعدةُ الرَّابعة من قواعد الدِّين عندَ النَّصارى هي قاعدةُ الإيمان بالقُربان: فما هي هذه القاعدة؟!.. استمعوا وتعلَّمُوا.. الايمان بالقربان معناه أنَّ في كلِّ كنيسةٍ قسيسٌ كبيرٌ يقوم على شؤونها، هذا القسيس يريد أن يأخذ الأموال ويأكُلَ أموال الناس بالباطل فماذا يصنع؟! يأتي بفطيرةٍ من الخبز -الذي يقول ذلك الكلام قسٌّ أسبانيّ عاش بين أحضان الكنائس وشرب من ماءها، وأكل من أموالها، وتزيَّ بزيِّها، ولكنَّ الله شرحَ صدرَهُ للإسلام، ليس هذا كلامُنا أبداً، كلام قسيس مسلم أسلم لله- .. يقول: فيأتي هذا القسُّ بفطيرةٍ من الخبز وبزجاجةٍ من الخمر -بكأسٍ من الخمر وفطيرةٍ من الخبز- ويأمرُ بضرب النَّاقوس فيجتمعُ النَّصارى لصلاتهم، فإذا ما اجتمع النصارى ووقف النصارى صفوفاً، جاء هذا القسيس على هذه الفطيرة ووقف أمامها، وقرأ عليها بعض الكلمات التي لا تسمع، ثم يقول للناس فجأة: "هكذا صارت الفطيرة جسد عيسى"!!، ويقرأ على كأس الخمر بعض الكلمات، بمنتهى السَّذاجة والبلاهة فيقول لهم: "وهكذا صار هذا الكأسُ دم عيسى"!!، ثم يسجد للفطيرة أمامَهُم، ويقول: "أنتِ إله السموات والأرض، أنتِ الإله المسيح، أنت ابنُ الله، أنتَ الذي جالسٌ الآن على يمين أبيك"!!.. إلى آخرِ هذا الكذب، وذَلكُمُ الهُراء، وتِلكُمُ التَّفاهات، ثم يسجدُ لها القسيس فيخرُّ النصارى من خلفِهِ سُجَّداً لهذه الفطيرة التي هي مصنوعةٌ من الخبز، ثم يرفع كأس الخمر ويقول: "لقد صار هذا الكأس دم عيسى"!!، ويقول لهم: "لقد قال إلهُنا المسيح عيسى ابن مريم للحواريين بعدما قدَّمَ لهم كأساً قبل موته قال لهم: اشْرَبوا فإنَّ هذا دمي، فيخِرُّ النَّصارى سُجَّداً لهذا الكأس"!!، وبعد ذلك يقدِّمون ما شاء هذا القسِّيسُ منَ القرابين ومنَ الأموال الذي يأكلها هو في بطنه نارًا حراماً، فإذا ما انصرفوا جلس بمفردِه ليستمتع بوجبةٍ دسمة مُكونة من هذه الفطيرة وكأس الخمر وهذا هو الأهم. هذه هي القاعدة الرابعة هُراء وكذبٌ وباطلٌ.. وهم يعلمون الحقّ.. اِي واللهِ يعلمون الحقّ ولكنَّهم يُصِّرون على الباطل هذه هي قاعدتهم الرابعة من قواعد دينِهِم الخمس. وأرجع الحديث عن القاعدة الخامسة إلى ما بعد جلسة الإستراحة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه من كلِّ ذنب إنَّه هو الغفور الرَّحيم. الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه اللَّهم صَلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلِّم أما بعدُ.. فيا أيُّها الأحبةُ في الله هذه قواعد الدِّين عند النَّصارى: تغطيسٌ وتثليثٌ واتحاد عُقْنُوم وإيمانٌ بقُربان. أمَّا القاعدة الخامسة فهي قاعدةُ الاعتراف والإقرار بجميع الذنوب للقسِّيس: وهذه القاعدةُ تفرِضُ على كلِّ نصراني إذا ما أراد أن يدخُلَ الجنَّة أن يذهبَ إلى قسِّيسِ كنيستِهِ وأن يُقِرَّ له ويعترف له بجميع ذنوبه ومعاصيه، وهم يعتقدون أنَّه لو ذهب إلى القسِّيس وأخفى عليه ذنباً واحداً لا ينفعُهُ إقراره واعترافه بذنوبه لهذا القسِّيس. فضائح والله -جلَّ وعلا- ستِّيرٌ يحبُّ السِّترَ، إن ارتكَبْتَ معصيةً وستَركَ الله فإنَّ من أقبح القُبحِ أن تكشِفَ سترَ الله عليك، والله ستِّيرٌ يحبُّ السِّت،ر والرَّسول صلى الله عليه وسلم يقول: «..ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة..» [رواه مسلم].. ولكنَّهُم يذهبونَ ليعترفوا بالذُّنوبِ... لماذا؟! لأنه إذا ما أحسَّ بموتٍ أو بمرضٍ ذهبَ إلى القسِّيس واعترفَ له بجميع ذنُوبهِ ومعاصِيهِ ويقدِّمُ القرابينَ والأموال؛ فيُعطيه القسِّيسُ بناءاً على ذلك صَكّاً بغُفرانِ جميع ذنوبه!!... اِطمئن قدِّم وعلى قدر ما تُقدِّمُ من المال والعَطاء على قدرِ ما تكونُ مغفرتُك!! ولقد استهزأ بعضُهُم يوماً فقال: "إنِّي سأذهبُ إلى القسِّيس لأشتري منه كلَّ صُكوك الغُفران، فذهبَ إليه وأعطاه أموالاً طائلة وقال لما كلُّ هذا المال قال: إنِّي أتيتُ اليوم أشتري منك جميعَ صُكوكِ الغفران التي عندَك، فباعَهَا له القسِّيس، ثم أذاعَ هذا الرجلُ في النَّاس وقال: لا تذهبوا بعد اليوم للقسيس لأنَّهُ لم يعُد يملكُ صكّا واحداً فإنِّي اشتريتُ جميع الصُّكوك فحزن القسِّيسُ وعلِمَ أنَّ الصَّفقةَ خاسِرة ثم عاد واشتراها منه بأضعفَ ما دفَعَ إليه منَ الأموال"!! سبحان الله العظيم... ما هذا؟!! إنَّ الذي يغفِرُ الذنوبَ هو الله وإنَّ الذي ينبغي أن تعترف له بجُرمكَ وذنبكَ هو الله حتَّى الواسطةُ بينك وبين الله قد رُفضَت في دينِ الله -جلَّ وعلا- ... اسمَعُوا ماذا قال الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي} [سورة البقرة: 186]، يا محمَّد يا أشرفَ الخلقِ عند الله ويا أعظمَ الرُّسلِ عند الله {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}.. لم يقل الله فقلْ لهم حتَّى يكونَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم واسطةً بين الله وبين عباده... لا إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا أستعنْتَ فاستعنْ بالله، وإذا طلبْتَ فاطلب من الله، وإذا اعترفْتَ فاعترِفْ لله، وإذا توكَّلتَ فتوكَّلْ على الله، وإذا لجأتَ فالجأ إلى الله وإذا طلبْتَ فاطلُبْ منَ الله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة: 186]. هذا بإيجاز عن قواعدِ دينِ النَّصارى الخمس، وفي اللقاء المقبل إن قدر الله جلَّ وعلا لنا اللِّقاء سنُكملُ هذه المقدمة لنتعرف على دين القوم، ولنسجد لله شُكراً أنَّنا موحدون لله -جلَّ وعلا- ومتبعون لسيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم. والله إنها نعمة ينبغي أن لا نغفل عن شكرها لله نعمةُ الإسلام ونعمةُ الإيمان وذلك فضلُ الله- جلَّ وعلا - ليس الفضل منَّا وليس الاختيار لنا إنَّه فضلُ الله ابتداءً وانتهاءً فاسجدوا للهِ شكراً أيُّها الموَحِّدونَ واحمَدُوا الله أنَّكم من المتَّبِعينَ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين بعيسى ومن المؤمنين بمحمد {آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة: 285]. وصدق من قال: وممَّا زادني فخراً وتيهآ ***وكِدتُ بأُخمُصِي أطأُ الثُّريا دخولي تحت قولكَ يا عبادي*** وأن صَيَّرْتَ أحمدَ لي نبيّا أسأل الله -جلَّ وعلا- الذي امتنَّ علينا بنعمة التوحيد ونعمة الإيمان أن يتوفَّانا على التوحيد والإيمان إنَّه وليُّ ذلك ومولاه وهو على كلِّ شئٍ قدير. اللَّهمَ اختم لنا بخاتمة التَّوحيد والإيمان.. اللَّهمَ أخرجنا من الدنيا على لا اله إلَّا الله.. اللَّهمَ ثبِّتنا على الإيمان.. اللَّهمَ يا عالمَ السرَّ منَّا لا تكشف السِّترَ عنَّا، اللَّهمَ يا عالمَ السرَّ منَّا لا تكشف السِّترَ عنَّا اللَّهمَ يا عالمَ السرَّ منَّا لا تكشف السِّترَ عنَّا، اللَّهمَ استُرنا ولا تفضَحْنا وأكرِمْنا ولا تُهِنَّا وكن لنا ولا تكن علينا. اللَّهمَ لا تَدَع لأحدٍ منَّا ذنباً إلَّا غفرته ولا مريضاً إلَّا شفيته ولا دَيناً إلَّا أديته ولا هما إلَّا فرَّجته ولا ميتاً إلَّا رحمته ولا عاصياً إلَّا هدَيتَه ولا حاجةً هي لك رضا ولنا فيها صلاح إلَّا قضيتها ويسَّرتها يا ربَّ العالمين. اللَّهمَ ارفع البلاءَ عن المسلمين اللَّهمَ ارفع البلاء عن المسلمين اللَّهمَ ارفع البلاء عن المسلمين، اللَّهمَ لا تُؤاخِذنا بما فعل السُّفهاءُ منَّا. اللَّهمَ ارفع مَقتك وغضبك عنَّا، اللَّهمَ ارفع مَقتك وغضبك عنَّا. اللَّهمَ ألِّف بين صفوف المسلمين اللهم ألِّف بين قلوب قادتهم يا رب العالمين اللهم ألِّف بين قلوب قادتهم وحكامهم يا رب العالمين. اللَّهمَ اهدِهِم للحقّ، اللَّهمَ اهدِهِم للحقّ، اللَّهمَ اهدِهِم للحقّ. اللَّهمَ ألِّفْ قلوبهم ووحِّدْ صُفوفهم ولا تجعل للشيطان تأثيراً على صدورهم يا أرحم الراحمين اللَّهمَ انصُر الإسلام وأعزَّ المسلمين وأَعلي بفضلكَ كلمتيْ الحقّ والدين. هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم فان الله قد صلَّى عليه وصلَّت ملائكته عليه وأمركم بالصلاة عليه فقال جلَّ من قائل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سورة الأحزاب: 56]. اللهم صلي وسلِّم وزد وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وارضَ اللَّهمَ عن صحابته هؤلاء الذين رفعوا راية التوحيد وبذلوا كلَّ رخيصٍ وغالي في سبيل نُصرة هذا الدين وفي سبيل تثبيت عقيدة لا إله إلَّا الله، اللَّهمَ ارض عنهم واجمعنَا بفَضلِكَ وكرمِكَ و إيَّاهُم في مستقرِّ رحمتك فى يومٍ لا ينفع فيه مالٌ ولا بنون إلَّا من أتى الله بقلبٍ سليم.. أحبَّتي في الله ما كان من توفيقٍ فمنَ الله - جلَّ وعلَا- وما كان من خطأ أو سهوٍ أو نسيانٍ فمنِّي ومن الشيطان واللهُ ورسولُه منهُ بَرَاء وأعوذ بالله أن أذكِّرَكُم به وأنساه. الحمد لله الذي لم يتَّخِذ ولَداً ولم يكن له شريكٌ في المُلك وما كانَ معهُ من إله، الذي لا إله إلَّا هو فلا خالقَ غيرُهُ ولا ربَّ سواه، المستحقُّ لجميع أنواع العبادة ولِذَا قضى ألَّا نعبُدَ إلَّا إيَّاه، ذلك بأنَّ اللهَ هو الحقّ وأنَّ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ الباطلُ وأنَّ اللهَ هو العليُّ الكبير. أحمَدُكَ يا ربِّي وأستعِينُكَ وأستغفِرُكَ وأستهديكَ لا أُحْصِي ثَنَاءاً عليك أنتَ كما أثْنيْتَ على نفسِك جَلَّ ثناؤك وعَظُمَ جاهُك ولا إلهَ غيرُك. و أشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له هو الواحد الذي لا ضدَّ له وهو الصَّمدُ الذي لا مُنازِعَ له وهو الغنيُّ الذي لا حاجةَ له وهو القويُّ الذي لا يُعْجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء وهو جبَّارُ السَّماواتِ والأرض فلا رادَّ لحُكمِه ولا مُعقِّبَ لقضائه وأمرِه. وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه وصفيُّهُ من خلقِهِ وخليلُه أدَّى الرسالة وبلَّغَ الأمانة ونَصَحَ الأمَّةَ وكشَفَ اللهُ به الغُمَّة وجاهَدَ في الله حقَّ جهادِه حتَّى أتاهُ اليقين، فاللَّهم اجزِهِ عنَّا خيرَ ما جازيتَ نبيًّا عن أمَّتِه ورسولاً عن دعوته ورسالته وصَلِّ اللَّهم وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه وعلى كلِّ من سار على دربه واستنَّ بسُنَّته واهتدى بهديه واقْتَفَى أثَرَهُ إلى يوم الدِّين. المحاضرة الثانية: أما بعدُ فيا أيُّها الأحبةُ في الله مع اللِّقاء الثاني من لقاءاتِ تفسيرنا لسورة مريم وتعرَّفنا في اللقاء الماضي على قواعد الدين عند النصارى هذه القواعد الخمس التي ذكرها لنا القسُّ الأسباني الذي أسلم انسيلم ثورنيدا وهي: "التثليث والتَّغطيس واتحاد العُقْنُوم والإيمانُ بالقُربان والاعتراف والإقرار بجميع الذنوب للقسيس"، وشرحناها بالتفصيل في اللقاء الماضي، بقيَ لنا فى المقدمة قبل أن ندخل على تفسير السورة أن نتعرَّفَ على قصة الصليب وأن نتعرَّفَ على الأدلة التي استدلَّ بها النصارى على ألوهية المسيح والعياذ بالله. ما هي قصةُ الصليب؟! وما هي علاقةُ الصليب بدين عيسى؟! وما هي علاقة الصليب بعيسى عليه السلام؟! وما الذي جعل النصارى تستدلُّ على أنَّ المسيح اله أو ابن للإله والعياذ بالله،كما قالت طوائف النصارى الملكية واليعقوبية والنَّسطورية والمريمانية، ما الذي جعلهم يستدلُّون على ألوهية المسيح والعياذ بالله. قصة الصليب أيها الأحباب نقولها للنصارى المنصفين لمن أراد أن يصل إلى الحق أو أن يبحث عنه ونقولها أيضا للمسلمين؛ ليتعرفوا الحق من الباطل، وليسجدوا لله شكراً أنهم من الموحِّدينَ لله -جلَّ وعلَا- ومن المنتسبين لدين محمد صلى الله عليه وسلم. قصة الصليب كما ذكرها الإمام ابن القيِّم في كتابه القيِّم (إغاثةُ اللَّهفان)، وكتابُهُ الآخر (هداية الحيارى للردِّ على أجوبة اليهود والنَّصارى) يقول رحمه الله: "بأنَّ النصارى يزعُمُونَ أنَّه لما صُلب المسيح والعياذ بالله وقُتل ودُفن وصار حيًّا بعد ثلاثة أيام من دفنه ورُفع إلى السماء ليجلس عن يمين أبيه، كان تلاميذ المسيح الأوفياء يذهبون إلى موضع الصَّلب وإلى موضع القبر فيُصَلُّون عنده ويبكون عنده، فلما رأت اليهود ذلك علِمَت أنه سيكون لموضع الصَّلب والقبر شأناً عظيما، فأراد اليهود أن يُلغوا أثرَ هذا الصَّلب وأثر هذا القبر فجاءوا على موضع القبر الذي دفن فيه عيسى بزعمهم ووضعوا عليه التراب والقاذورات والنجاسات حتى يُزيلوا له كلَّ أثر، إلى أن جاء عهد الملك قُسطنطين وجاءت أمُّه النصرانية وطلبت منه الصليب الذي صُلب عليه السيد المسيح، فأخذ يبحث الملك ويفتش فدلُّوهُ على موضع القبر الذي دفن فيه المسيح وصيّرَهُ اليهود مزبلةً عظيمة للتراب والنجاسات فذهبوا إليه وأزالوا عنه التراب والنجاسات وطهَّروا المكان حتَّى وصلوا إلى القبر الذي دُفن فيه عيسى بزعمِهِم وأخرجوا من القبر بعدما فتحوه ثلاثةً من الصُّلبان الخشبية. فقالت أم الملك كيف نتعرَّف على الصليب الذى صُلب عليه السيد المسيح؟!.. فنظرت فوجدت رجلاً شديد المرض يقف إلى جوارها عجز الطب عن إبرائه ودواءه، فجاءت فوضعت الصَّليبَ الأول عليه فلم يُشْفَى، فوضعت الصَّليبَ الثاني عليه فلم يُشْفَى، فوضعت الصَّليبَ الثالث عليه فَشُفِىَ الرجل في الحال وقام وكأنَّما نشِط من عِقال فقالت: إذاً هذا الصليب هو الصليب الذي صُلب عليه السَّيد الإله المسيح فلفَّتْهُ في غلافٍ قـيِّم من الذهب وأرسلت به إليه بولدها الملك قسطنطين فسجدوا له من يومِها من دُونِ الله -جَلَّ وعَلَا- ... أتدرون كم كانت المدة بين ميلاد المسيح وبين ظهور أول صليب سجد له النصارى وعبَدَهُ النصارى من دون الله؟!.. بل إذا أراد الواحد منهم أن يحلِف صادقاً حلف بهذا الصَّليب وإن أراد أن يحلِفَ كاذباً حلف بالله -جَلَّ وعَلَا!- أتدرونَ كم كانت المدة بين ميلاد المسيح وبين ظهور أول صليبٍ للنصارى؟! كانتِ المدةُ كما ذكر ابن القيِّم عليه رحمة الله: ثلاثمئة وثمانية وعشرون سنة! ثلاثمئة وثمانية وعشرون سنة بين ظهور أول صليب عبده النصارى وبين ميلاد المسيح عليه السلام. ومن يومها قُدِّسَ الصليب ومُجِّد الصليب وعُظِّمَ الصليب بل وسُجِدَ للصليب من دون الله -جَلَّ وعَلَا!- ، وإنِّي أسأل، أسأل النصارى الذين يريدون أن يصلوا إلى الحق والحقيقة، وأقول أُنظروا وتفكَّروا معي إلى هذه الأكذوبة الباطلة. أيُّ صليبٍ خشبيٍّ هذا الذي يبقى تحت التراب طيلة هذه السَّنوات ولا ينخَرُ ولا يبلى؟!!.. هذا سؤال. السؤال الثاني: هذا الصليب الذي شفى المريض في الحال ألم يكن من الأوْلَى والأجدر أن يُحيِيَ الإله الذي صُلب عليه؟! السؤال الثالث: هذا الصَّليب الذي تعظمونه وتقدسونه كم كان بينه وبين ميلاد المسيح؟!، وما علاقةُ هذا الصليب بدينِ المسيح عليه السلام؟! السؤال الرابع: أخبرونا أيها النصارى حينما صُلب الإله كما تزعُمُون، ووُضِعَ على خشبةِ الصَّلب وسُمِّرَت يداهُ بالمسامير كما تقولون أنتم في أناجيلكم.. نسألُكُم مَنْ كان المُمْسِكُ للسَّموات والأرض حينما صُلب الإله؟!، أين كان فَاطِرُهَا وخَالِقُهَا الذي تقولون عنه يا من بيده قد أُثقِلَتِ العوالم؟! هذا المسيح الذي تقولون بأنَّه قد أثقل العوالم بيديه وأنَّه هو الإله أين كان إلهُ السَّموات والأرض حينما صُلِبَ هذا الإله على خَشَبة الصليب.. من كان الممسك للسموات والأرض؟!.. أم ستقولون بأنه قد وَلَّىَ إلهاً غيرَه ليُمسك السَّموات والأرض وهو على خشبة الصليب؟! أسئلة لابد أن نتفكر فيها ولابد أن نقف عندها لنتعرَّف على الحقِّ من الباطل ثم ما الذي جعلكم تستدلُّونَ على ألوهية هذا المسيح؟! إن قلتُمْ بأن الذي صُلب كان الناسوت دون اللاهوت؛ أي كان البدن وحده دون اللاهوت أي دون صفة الألوهية -لأنهم يقولون بأن عيسى ناسوتٌ من جوهر أمه، ولاهوتٌ من جوهر أبيه؛ أي لاهوت أي به صفة الألوهية لأبيه، وبه صفة الإنسانية لأمِّه-... فإن قلتم بأن الذي صُلب كان الناسوت دون اللَّاهوت، فإنكم تقرُّونَ بذلك أن اللاهوت قد فارق الناسوت وأن الذي صلب جسدٌ عادي وليس بإلهٍ قَطّ. وإن قلتم بأن الذي صلب اللاهوت والناسوت في آنٍ واحد فإنَّكم بذلك تقرُّون بأنَّ الإله الذي تزعمون قد صلب وقد قتل وقد عجَزَ على أن يدفع عن نفسه القتل والموت فهل يصير بذلك إلهاً؟! أَعُبَّادَ المسيح لنا سؤالُ *** نريد جوابه ممن وَعَاهُ إذا مات الإله بصُنع *** قومٍ أماتوه فهل هذا إلهُ؟ إلهٌ يُقتل ولا يدفَعُ عن نفسه القتلَ والأذى!! أَعُبَّادَ المسيح لنا سؤالٌ *** نريد جوابَهُ ممَّنْ وعاهُ إذا مات الإلهُ بصنعِ *** قومٍ أماتوهُ فهل هذا إلهُ؟ و يا عجباً لقبرٍ ضمَّ ربًّا *** وأعجَبُ منه بطنٌ قد حَوَاهُ أقام هُناك تسعاً من شهورٍ *** لدى الظُّلماتِ من حيضٍ إناهُ وزف الفرج مولوداً صغيراً *** ضعيفاً فاتحاً للثدي فاهُ و يأكل ثم يشرب ثم يأتي *** بلاذ لذاك فهل هذا إله؟ تعالى الله عن إفك النصارى *** سيُسأل كلُّهُم عمَّا افتراهُ فما الذي جعلكم تستدلُّون بالرغم من كلِّ ذلك على ألوهية المسيح؟! يقولون : استدللنا على أُلُوهية المسيح بأنه لم يكن بشراً عادياً ككلِّ البشر ولو كان المسيح بشراً عادياً لَوُلِدَ المسيحُ كما يُولَدُ البشر من أبٍ ومن أم. ونحن نقول : بأنَّكم إنِ استدللتم بهذا على أُلُوهية المسيح فاستدلالكم هذا استدلالٌ باطلٌ عقلاً وشرعاً... لماذا؟! لأنكم إن استدللتم على أُلُوهية المسيح بأنه لا أب له، فإننا نقول لكم إن آدم إله لعيسى، إن كان عيسى قد صار إلها لأنه لا أب له وجاء من أم فقط، فإن آدم إله لعيسى لأن آدم لا أب له ولا أم له هذا أولى، وبالرغم من ذلك فهو أبطل الباطل لأن آدم ما ادَّعى وما زعم أنه إله من دون الله -جَلَّ وعَلَا- ... أو هل صار آدم حينما خلقه الله بغير أب أو أم هل صار آدم بذلك إلهاً ؟!.. أبدًا.. وإنِ استدللتم على أُلُوهية المسيح لأنه أحيا الموتى ولا يُحْيى الموتى إلا إله... نقول لكم: بأنَّ هذا الإستدلالَ أيضاً استدلالٌ باطل لأن الذي أحيا له الموتى إنما هو الله -جَلَّ وعَلَا-، بل وبالرغم من ذلك ليس عيسى هو أول من أحيا الله له الموتى؛ لأنَّ موسى أحيا سبعينَ رجلا من بني إسرائيل، أحياهم بعدما أماتهم الله -جَلَّ وعَلَا-؛ فموسى أحيَا اللهُ له الموتى، وقصَّةُ الرجلِ الذي في سورة البقرة أحياهُ اللهُ - جَلَّ وعَلَا - لموسى أيضاً {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا..} [سورة البقرة: 72]؛ أي فاختلفتم فيها {.. وَاللَّـهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٧٢﴾ فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللَّـهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 72-73]. أحيا الله -جَلَّ وعَلَا- الموتى لموسى عليه السلام، بل وأحيا الله الموتى لخليله إبراهيم {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا...} [البقرة: 260].. أحياها الله -جَلَّ وعَلَا- ... يا إبراهيم خُذ أربعةً من الطير وهذا أبلَغ، يا إبراهيم خُذ أربعةً من الطير فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ أيْ تعرَّف عليهنّ، ذَبّحَهَا إبراهيمُ الخليل وقطّعَهَا وخَلَطَ العظم بالريش باللحم حتى قال ابن كثير -عليه رحمة الله - أنَّه احتفظ برؤوسِها معه، اِحتفظَ برؤوس هذا الطير بين يديه، ووضَعَ على كلَّ جبلٍ كوماً من العظم واللحم والرِّيش المختلط ووقف إبراهيم ونادى على هذه الطيور وفي يدِهِ رأسُ كلِّ طير على حِدَى فلمَّا نادى عليها الخليل أحياها الله -جَلَّ وعَلَا- ، له وأمرَها الله -جَلَّ وعَلَا- أن تأتيَ الخليل، لم يقُلْ: "طيرًا"، وإنما قال: {سعيًا}؛ لأنَّه لو قال طيرًا لجاءت تطير إليه في السماء، بين طيور السماء، والتَبسَ عليه الأمر فلم يعلم طيورَهُ التي عَلَّمَهَا، وإنما قال: {تأتينَك سعياً} أي تمشي حتى تراها وتتحقَّق وتتأكد منها، وجاءته الطيور، حتى قال ابن كثير -عليه رحمة الله- : "إذا جاءه طائر وقدَّم له إبراهيم رأساً غير رأسه امتنع الطائر عن ذلك". الله أكبر، لا إله إلا الله وقدَّم إبراهيم الرأس لكلِّ طائر فبِقَدَرِ الله وقُدرتِه -جَلَّ وعَلَا- يكتمل الطائر ويطير وأحياه الله -جَلَّ وعَلَا- بعد هذه الحالة التي صَيَّرَهَا إبراهيم من ذبحٍ وخلطٍ أحياها الله -جَلَّ وعَلَ - ثم ادعوهنَّ يأتينك سعيا .. فهل صار إبراهيم بذلك إلهاً؟!.. أبداً. إذًا... إستدلالكم على أنَّ عيسى إله لأنه أحيا الموتى أيضاً استدلال لا يجوزُ عقلاً ولا شرعا. وإن قلتم بأننا استدللنا على أُلُوهية المسيح لأنه أتى بالخوارق والمعجزات ما لم يأت بها بشر عادي؛ فإننا نقول لكم ونرد عليكم في هذه الجزئية ونقول: بأنه ما جاء أحد بالخوارق والمعجزات بمثل ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم. أبدا ما جاء أحد بمعجزة كما جاء النبي صلى الله عليه وسلم: أولا : معجزته الخالدة الباقية التي تحدى اللهُ بها البشرية بل ومازال التحدي قائما إلى يوم القيامة ألا وهي القرآن: {وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (23) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ..} [سورة البقرة: 23-24]، أقول بأن التحدي مازال قائماً إلى يوم القيامة: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 23-24]. لأنَّ هذا القرآن أخبر بما كانَ وما هو كائنٌ وما سيكون، وهذه صفة علم الغيب التي لا يمكن أن تكونَ إلَّا لإلهٍ جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم فهل صار محمدٌ بالقرآنِ إلهاً؟!.. أبداً. فضلاً عن المعجزات الحسِّية الأخرى التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم على سبيل المثال، ولن آتي بمعجزة إلَّا وهي في البخاري ومسلم وفي السنن والمسانيد على سبيل المثال: انشقاقُ القمر: فلقد طلب أهل مكة من رسول الله صلى الله عليه وسلم معجزةً وآيةً وعلامةً ودليلاً على صدق نبوته، فأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم القمر وطلب من الله -جَلَّ وعَلَا- أن ينشقَّ له القمرُ في السماء نصفين، طلب الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينشقَّ له القمرُ في السَّماء نصفين، فانشقَّ القمر في السماء نصفين:{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [سورة القمر: 1]، وحادثة انشقاق القمر رواها البخاريُ ومسلم والترمذي وأحمد وغيرهم من أصحاب السنن والمسانيد. انشقَّ القمرُ لرسولِ الله في السماء حتى رآهُ أهل مكة، حتى المسافرين الذين كانوا في غير أرض مكة رأوا القمر قد انشق في السماء نصفين وجاءوا وأخبروا أهل مكةَ بذلك وبالرغم من ذلك لم يؤمنوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم. معجزةٌ أخرى: كلامُ الحجر: يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث . إني لأعرفه الآن» [رواه مسلم]، هذا الحجر يسلِّم على رسول الله صلى الله عليه وسلم. معجزةُ حنينِ الجِذع: حادِثَتُها في البخاري ومسلم وغيرهُما لماَّ صَنَعوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر كان يخطُبُ على جذع نخلة فلمَّا صنعوا له المنبر ترك الحبيبُ الجذعَ وصعَدَ إلى المنبر ولحظةَ أن صعد الرسول صلى الله عليه وسلم ووقَفَ على المنبر وتركَ الجذع، بكى الجذعُ لفُراق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حنَّ الجذع لفراق الحبيب صلى الله عليه وسلم. بكى الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. حتى كان أحد الصَّحابة إذا ما حدَّثَ بهذا الحديث بكى وقال: "والله نحن أولى بذلك من الجذع حنيناً لفُراقِك يا رسول الله". حَنَّ الجذعُ لفُراق الحبيب صلى الله عليه وسلم، وبكى الجذع لفُراقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: حتى نزل الحبيب من على المنبر، نزل لما سمع بكاءَ الجذع، سمِعَ له خِواراً كخوار الثور وأنيناً كأنينِ المريضِ أو العليل وصوتاً كصوتِ الطِّفل.. نزل الحبيب من على المنبر والتزم الجذع فسَكَن الجذع وسكت، فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: «أما والذي نفس محمد بيده لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة» [قال الألباني إسناده جيد وهو على شرط مسلم]، حنَّ الجذع لرسول الله صلى الله عليه وسلم. كَثَّرَ الرسول الطعامَ بفضل الله -جَلَّ وعَلَا- وحديثُه في البخاري ومسلم وغيرهُما من حديث عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال: "إنكم لتعدُّونَ الآياتِ عذاباً وكنَّا نعدُّها بركةً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لقد كنَّا نجلس لنأكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسمعُ تسبيحَ الطعام بين يديه".. سَبَّحَ الطعام بين يديه. يقول ابن مسعود أيضا في نفس الحديث : وجاء الرسول صلى الله عليه وسلم بإناء فيه ماء حينما طلب الصحابة الوضوء فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده الشريفة المباركة في هذا الإناء فرأينا الماء ينبُع من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ينادي على الصحابة ويقول حيَّ على الطَّهور المُبارك حيَّ على الطَّهور المُبارك ثم يقول بعدها: «والبركة من الله» [رواه البخاري]، بأبي أنت وأمي يا رسول الله: «لا تُطْرُوني كما أطْرَتِ النصارى ابنَ مريم» [رواه البخاري]. الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد إطراءً بالكذب ولا بالبُهتان ولا بالباطل والدليل على ذلك يوم مات ولدُهُ إبراهيم و كُسفَتُ الشمس في نفس اليوم الذي مات فيه إبراهيم. كان على رسول الله أن يسكت فقط لا يعلِّق لأنَّ الناس قد دَمَجوا وربطوا بين موت إبراهيم وكسوف الشمس قالوا: كُسِفَتِ الشمس حُزناً على موت إبراهيم كان الرسول صلى الله عليه وسلم ما عليه إلَّا أن يسكت لا يقول شيئاً حتى يظلَّ هذا الكذب وذلكُمُ الباطل عالقاً بأذهان الناس أبداً الرسول صلى الله عليه وسلم لا يريدُ إطراءاً بالكذب ولا يريد إطراءاً من أصله، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم على الناس وصعد على المنبر وقال:«إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس» [رواه البخاري]. صِدْقْ صلى الله عليه وسلم، صِدْقْ من رسول الله: «لا تطروني، كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا : عبد الله ورسوله» [رواه البخاري]. قولوا محمد عبد الله ورسوله، صلى الله عليك يا رسول الله، والمعجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة. قالوا: إن عيسى شفى الأبرص ولم يفعلْ ذلك أحد، نقول: لا، حينما جاءت زوج معاذ ابن عفران وكانت مريضة بمرض البرص جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم تشكوا إليه ذلك وكان بين يدي رسول الله غصناً من الشجر فمدَّ النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الغصن فمسح به جسدها فبرئت بإذن الله -جَلَّ وعَلَا-. ويوم أن جاءه قَتادة ابن النعمان وقد فُقئت عينه وسالت على خدِّه فمدَّ الحبيب صلى الله عليه وسلم يدَه وأمسكَ عين قتادة وردَّها إلى مكانها، فكانت أصحَّ عينيه بإذن الله ثم ببركةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم... والبركة من الله -جَلَّ وعَلَا- والمعجزات كثيرة فهل صار محمدٌ بذلك إلها؟! هل قال محمد صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إني إله من دون الله؟! فإذًا استدلالكم على أنَّ المسيح إله لأنه لم يولد كما يولد البشر فإنَّ الله خلق آدم من غير أب ومن غير أم. و إن قلتم بأنه إله لأنه أتى بالمعجزات فإن الرسول صلى الله عليه و سلم بل وإنَّ جميع الأنبياء قد أتوا بالخوارق والمعجزات و بالرغم من ذلك لم يدعي واحد منهم الألوهية مع الله أو من دون الله جَلَّ وعَلَا. وإن قلتم بأن عيسى أحيا الموتى ولا يحي الموتى إلا إله؛ فعندكم فى الأناجيل والتوراة التي تقرؤونها بأن كثيراً من الأنبياء قد أحيا الله جَلَّ وعَلَا لهم الموتى بإذنه وقُدرته. إذًا استدلالكم على ألوهية المسيح لا يجوز عقلاً ولا شرعاً، فضلاً عن الأناجيل التي تقرؤونها، ما قال إنجيل يوحنا الذي تعترفون به وتؤمنون به وتقرُّون به؟! هل قرأتم في إنجيل يوحنا في الإصحاح الأول من هذا الإنجيل؟! يقول عيسى عليه السلام بالحرف الواحد: إنَّ الله عز وجلَّ ما أكل ولا يأكل وما شرب ولا يشرب وما نام ولا ينام ولم يلد ولم يولد ولا ولد له. هذا في إنجيلكم أنتم عندكم أنتم فى إنجيل يوحنا فى الإصحاح الأول من الإنجيل هذا قول عيسى عليه السلام يُفرد الله -جَلَّ وعَلَا- بالألوهية ويقدس الله جَلَّ وعَلَا عن كل نقص وعن كل عيب فيقول: إن الله عز وجل ما أكل ولا يأكل -هذه صفة البشر عيسى يأكل و يشرب وينام- ، ما أكل ولا يأكل ما شرب ولا يشرب وما نام ولا ينام ولم يلد ولم يولد ولا ولد له. وفى إنجيل يوحنا أيضًا في الإصحاح رقم عشرين يقول عيسى عليه السلام: إن الله ربى وربكم وإلهي وإلهكم. ماذا تريدون بعد ذلك يا أيها النصارى؟! عيسى عليه السلام يقول: إني عبد الله وأنتم تريدون إلا أن يقول إنني أنا الله. سبحان الله العلي العظيم!.. تعالى الله عما تقولون علوا كبيرا. عيسى يقول إنى عبد الله بل إن أول كلمة نطق بها عيسى وهذه حكمة عظيمة أول كلمة نطق بها المسيح عليه السلام هى أنه أفرد الله بالوحدانية ووصَفَ نفسه بصفة العبودية لله جَلَّ وعَلَا اسمعوا القرآن الكريم يقول الله جَلَّ وعَلَا في سورة مريم {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ}.. وهو طفلٌ صغيرٌ رضيع {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً} [سورة مريم: 27-30]. أول كلمة نطق بها المسيح وهو في مهده مازال رضيعاً {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً (31) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيّاً (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[سورة مريم: 30-37]. هكذا أعلنها عيسى قال إني عبد الله وقال: {إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ}، ويأبى النصارى بعد كل ذلك إلَّا أن يقولوا عيسى هو الإله أو ابن الله أو ابن زوج الله والعياذ بالله. ولقد جاءني أحدهم يوماً وهو كبيرٌ من كبرائهم حينما كنت أفسِّر هذه السورة وشرح الله صدر عدداً لا بأس به من النصارى، جاء يجادلُ ويناقشُ بالباطل، ولما أردت أن أنهيَ اللقاء وكان والفضل لله جَلَّ وعَلَا قمتُ واقفاً وكان يجلس مسؤولاً كبيرا من المسؤولين، فقلت لهذا الكبير الذى هو على علم بدينه: أما قرأت هذا الخبر أما سمعته؟! قال: أيُّ خبر؟! قلت: خبر أذاعته كل وكالات الأنباء ما من جريدة إلا ونشرته وما من إذاعة إلا وأذاعته. قال: وما هو؟! قلت: خبر زواج البابا.. قال: البابا؟! البابا تزوج؟! قلت: نعم. قال: إنك كاذب. قلت: ولما تتهمُني بالكذب؟! قال: لأنَّ البابا عندنا لا يتزوج فهو أسمى من أن يتزوج. فقلت له: إن كان البابا عندكم لا يتزوج فكيف تزوجون الله بمريم؟!، البابا بشر أسمى عندكم من أن يفعل ذلك ومن أن يتزوج وما استَحْييتُم أن تجعلوا مريمَ زوجا لله جَلَّ وعَلَا؟!.. إنَّه الباطل، إنَّه الكذب. الله تبارك وتعالى واحد لا شريك له، هو الواحد الذي لا ضدَّ له، وهو الصَّمدُ الذي لا مُنازِعَ له، وهو الغنيُّ الذي لا حاجةَ له، وهو القويُّ الذي لا يُعْجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماء، هو الأوَّل فلا شيءَ قَبلَه، والآخِرُ فلا شيءَ بعدَه، والظَّاهرُ فلا شيءَ فوقَه، والباطن فلا شيءَ دونَهُ وهو على كُلِّ شيءٍ قدير، ومن اعتقد بهذه العقيدة التى تقول بأن عيسى إبن الله فهو على الكفر البَوَاح لقول الله جلَّ وعلا: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ..} [المائدة: 73]، وقوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هو المسيح ابن مريم…} [المائدة: 72]. أسأل الله تبارك وتعالى أن يتوفَّانا وإياكم على عقيدة التوحيد إنه هو وليُّ ذلك ومولاه وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه . الحمد لله ربِّ العالمين، وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُهُ ورسولُه اللَّهم صَلِّ وسلِّم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم. هكذا أيها الأحباب رأينا فى هذه المقدمة الموجزة عقائد النصارى وأنه ينبغي أن يتوقَّفَ النصراني المنصف عند هذه العقائد ليتعرف على الحق من الباطل وأنا أقول ذلك وركزت في هاتين المقدمتين على أهم ما ينبغي أن يُعرف لدى النصارى؛ ليحوِّل كل إنسان منكم يستطيع أن يعبر عن ذلك بأي لغة من اللغات أن ينقِلَ ذلك إلى النصارى في أي مكان؛ فإن كل واحد منا مسؤولٌ عن دين الله جل وعلا، ويحزنني ويؤلمني أن قسيساً من قساوسة السودان حينما أعلن إسلامه لله جلَّ وعلا في مؤتمر كبير حضره بعض العلماء قام يلقي اللوم على المسلمين وعلمائهم، قال: لماذا تركتمونا طيلة هذه الفترة لا تدعون إلى دين الحق؟!، لماذا؟!، لماذا ضيَّعتُم هذه الأعمار؟! ثم ذكر وقال: ما ذنب والدي الذي مات على الباطل؟!، وما ذنب أمي التي ماتت على الكفر؟! إنَّ ذنب والدي وذنبَ أمي معلقٌ برقابكم أيها العلماء معلق برقابكم أيها الدعاة فهيا تحركوا لدين الله جلَّ وعلا.. ادعوا النصارى، ادعوا النصارى لأنهم لا ينامون ليلاً و لا نهاراً في البحث عن الوصول إلى تنصير المسلمين هم يتحركون للباطل وأنتم أهل الحق لا تتحركون، لا تتحركون لدين الحق والله مُساءَلُون بين يدي الله. سَنُسْأَلُ عن هذا الدين، يا من بحوزتك نصراني والله ستسأل عنه هل دعوته؟ هل عرَّفته الحق من الباطل ؟ هل أخذت بيديه إلى طريق الإسلام ؟ وإلى طريق الإيمان؟ مسؤول أنت بين يدي الله جلَّ وعلا. أيها المسلم المسكين... يا من انشغلت بالأفلام والمباريات والمسلسلات... إن مَنَّ الله جلَّ وعلا عليك بلغة من اللغات فخذ قليلا من هذه الخطبة والتي قبلها وبلِّغ فأنت مسؤولٌ عن دين الله جلَّ وعلا «بلِّغوا عنِّي ولو آية» [رواه البخاري]، هكذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم. فهيا أيها الشباب وأيها الأحباب.. حتى ولو بطريق هذا الشريط أو بطريق ترجمة له بلِّغُوا دين الله جلَّ وعلا وانشروا دين الحق ودين الإسلام، فإنَّ الإسلام دين عالمي لم يرسل الله النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الإسلام لأهل جزيرة العرب وحدهم بل لكل الناس على ظهر هذه المعمورة فالإسلام دين الله جلَّ وعلا للعالمين فتحرَّكوا لدين الله جلَّ وعلا واعلموا أننا والله مقصِّرون في حقِّ هذا الدِّين العظيم وفى حقِّ هؤلاء الذين يريدون أن يتعرَّفوا على الحقائق وما عليك إلَّا أن تدعوا والنتائج بيد الله جلَّ وعلا لا تسأل عنها ولا تحاسب عليها خذ بالأسباب واترك النتائج لمسبب الأسباب جلَّ وعلا. أسأل الله تبارك وتعالى أن يُوفِّقَني وإياكم للحركة لدين الله جلَّ وعلا، وللذَّود عن دين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى كما خلقنا موحدين أن يتوفانا على التوحيد والإيمان. اللَّهم كما خلَقتنا موحدين فتوفَّنَا على التوحيد والإيمان. اللهم كما جعلتنا موحدين فتوفنا على التوحيد والإيمان. اللهم لا تدع لأحد منا ذنبا إلا غفرته ولا مريضاً إلا شفيته ولا دينًا إلا أدَّيته. |
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)